نسب النبي صلى الله عليه وسلم

الكتاب الثاني: وقـائـع الـسـيـرة الـنـبـويـة
الباب الأول: أهـم الأحـداث التـاريخيـة مـن قبـل البعثـة حتـى نـزول الـوحـي
الفصل الثاني: العائلة النبوية
المبحث الأول: نسب النبي صلى الله عليه وسلم

     إن النبي صلى الله عليه وسلم أشرف الناس نسباً، وأكملهم خَلْقاً وخُلُقاً، وقد كان وما زال شرف النسب له المكانة في النفوس؛ لأن ذا النسب الرفيع لا تنكر عليه الصدارة، نبوة كانت أو ملكاً، وينكر ذلك على وضيع النسب، فيأنف الكثير من الإنضواء تحت لوائه، ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم يعد للنبوة هيأ الله تعالى له شرف النسب ليكون مساعداً له على التفاف الناس حوله، فمعدن النبي صلى الله عليه وسلم طيب ونفيس، فهو من نسل إسماعيل الذبيح، وإبراهيم خليل الله، واستجابة لدعوة إبراهيم عليه السلام، وبشارة أخيه عيسى عليه السلام كما حدث صلى الله عليه وسلم عن نفسه، فقال: (أنا دعوة أبي إبراهيم وبشارة أخي عيسى).

     وطيب المعدن والنسب الرفيع يرفع صاحبه عن سفاسف الأمور ويجعله يهتم بمعاليها وفضائلها، والرسل والدعاة يحرصون على تزكية أنسابهم وطهر أصلابهم، ويُعرفون عند الناس بذلك فيحمدونهم ويثقون بهم.

     ومما تبين يتضح لنا من نسبه الشريف، دلالة واضحة على أن الله سبحانه وتعالى ميز العرب على سائر الناس، وفضل قريشاً على سائر القبائل الأخرى، وقد ورد في شرف نسبه أحاديث صحاح، منها ما رواه مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله عز وجل اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) (رواه مسلم، كتاب الفضائل، باب فضل نسب النبـي)، ومقتـضى محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، محبة القوم الذين ظهر فيهم والقبيلة التي ولد فيها، لا من حيث الأفراد والجنس بل من حيث الحقيقة المجردة؛ ذلك لأن الحقيقة العربية القرشية، قد شرف كل منها –ولا ريب– بانتساب رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها، ولا ينافي ذلك ما يلحق من سوء بكل من قد انحرف من العرب أو القرشيين، عن صراط الله عز وجل، وانحط عن مستوى الكرامة الإسلامية التي اختارها الله لعباده، لأن هذا الإنحراف أو الإنحطاط من شأنه أن يؤدي بما كان من نسبة بينه وبين الرسول صلى الله عليه وسلم ويلغيها من الإعتبار.

     ونسب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ينقسم إلى ثلاثة أجزاء‏:‏ جزء اتفق عليه كافة أهل السير والأنساب، وهو الجزء الذي يبدأ منه صلى الله عليه وسلم وينتهي إلى عدنان‏.‏ وجزء آخر كثر فيه الإختلاف، حتى جاوز حد الجمع والائتلاف، وهو الجزء الذي يبدأ بعد عدنان وينتهي إلى إبراهيم عليه السلام فقد توقف فيه قوم، وقالوا‏:‏ لا يجوز سرده، بينما جوزه آخرون وساقوه‏.‏ ثم اختلف هؤلاء المجوزون في عدد الآباء وأسمائهم، فاشتد اختلافهم وكثرت أقوالهم حتى جاوزت ثلاثين قولاً، إلا أن الجميع متفقون على أن عدنان من صريح ولد إسماعيل عليه السلام. أما الجزء الثالث فهو يبدأ من بعد إبراهيم عليه السلام وينتهي إلى آدم عليه السلام، وجل الإعتماد فيه على نقل أهل الكتاب، وعندهم فيه من بعض تفاصيل الأعمار وغيرها ما لا نشك في بطلانه، بينما نتوقف في البقية الباقية.

     وفيما يلي الأجزاء الثلاثة من نسبه الزكي صلى الله عليه وسلم بالترتيب:

الجـزء الأول‏:‏

     محمد بن عبد الله بن عبد المطلب (واسمه شَيْبَة) بن هاشم (واسمه عمرو) بن عبد مناف (واسمه المغيرة) بن قُصَىّ (واسمه زيد) بن كِلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فِهْر (وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة) بن مالك بن النَّضْر (واسمه قيس) بن كِنَانة بن خُزَيْمَة بن مُدْرِكة (واسمه عامر) بن إلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدّ بن عدنان.

الجـزء الثـانـي‏:‏

     ما فوق عدنان، وعدنان هو ابن أُدَد بن الهَمَيْسَع بن سلامان بن عَوْص بن بوز بن قموال بن أبي بن عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حَمْدان بن سنبر بن يثربى بن يحزن بن يلحن بن أرعوى بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد ابن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمى بن مزي بن عوضة بن عرام بن قيدار ابن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام.

الجـزء الثـالـث‏ (مـا فـوق إبـراهـيـم عليـه السـلام):‏

     وهو إبراهيم عليه السلام، ابن تارَح (واسمه آزر) بن ناحور بن ساروع (أو ساروغ) بن رَاعُو بن فَالَخ بن عابر بن شَالَخ بن أرْفَخْشَد بن سام بن نوح عليه السلام بن لامك بن مَتوشَلخَ بن أَخْنُوخ (يقال هو إدريس النبي عليه السلام) بن يَرْد بن مَهْلائيل بن قينان بن أنُوش بن شِيث بن آدم عليهما السلام.

أسـرة النبـي صلـى الله عليـه وسلـم :

     تعرف أسرته صلى الله عليه وسلم بالأسرة الهاشمية نسبة إلى جده هاشم بن عبد مناف، وسوف نقوم بذكر شيئ من أحوال هاشم وعبد المطلب وعبد الله في مقالات منفصلة.

 

                                                       

عن المدير