محمد بـن سعـد

الكتاب الأول: مقدمات في دراسة السيرة النبوية الشريفة
الباب الأول: دراسة السيرة النبوية الشريفة ومزاياها وأهدافها
الفصـل الأول: التـأليـف الإنتقـائـي والعشـوائـي للسيـرة
المبحـث الثـانـي: التـأليـف فـي السيـرة عنـد التـابعيـن وتـابعيهـم
المطلـب الأول: رجـال الطبقـة الثـالثـة مـن كتَّـاب المغـازي والسيـر
الفرع الرابع: محمد بـن سعـد :

     يعتبـر محمد بـن سعـد آخـر الكتـاب الكبـار فـي المغـازي و
السيـر و هـو مـن مواليد البصـرة سنة 168 هـ ، و كان مـن المـوالي
؛ فآبـاؤه كانـوا موالـي للحسيـن بـن عبد الله بـن عبيـد الله بـن
عبـاس بـن عبـد المطلب ، و قـد رحـل ابـن سعـد إلى المدينـة
المنـورة ، ثـم إلى بغـداد ، حيث اتصـل بأستـاذه محمد بـن عمـر
الـواقـدي ، و ارتبط بـه ارتبـاطاً وثيقاً ، و كان يدون له كتبه و
أحاديثه (الفهرست لابن النديم) ، و مـن
أجـل ذلك اشتهـر بأنـه كاتب الـواقـدي ، و استفـاد ابـن سعـد مـن
أستـاذه فائـدة كبـرى ، و معظـم كتبـه التـي ألفهـا استقـاهـا مـن
علمـه و ليس معنـى هـذا أنـه لـم يستفـد مـن علـم غيـره ، فقد
استفـاد كثيـراً من علماء آخرين سبقوا الواقدي كابن إسحاق و أبي
معشر السنـدي ، و موسـى بـن عقبـة ، و غيـرهـم و كمـا استفـاد ابـن
سعـد مـن علـم أستـاذه ، فقـد كـان هـو نفسـه صـاحب فضـل كبيـر فـي
تـرتـيـب عـلـم أستـاذه ، و كثيـراً مـا كـان يزيـد عليـه ، فقـد
كـان يكمل ما كان ينقص الواقدي من أخبار الجاهلية ، و قد استعان في
ذلك بعلم هشام الكلبي ، الذي كـان حـجـة فـي أخـبـار الجـاهليـة ،
و قـد خلـف لنـا ابـن سعـد واحـداً مـن أهـم و أشهـر المصـادر
الإسـلاميـة ، فـي السيـر و المغـازي ، و أخبـار الصحـابـة و
التـابعيـن و طبقـاتهـم و هـو كتـاب الطبقـات الكبـرى ، و الـذي
وصلنـا سالمـاً لحسـن الحـظ ، و هـو فـي ثمـانيـة أجـزاء ، و قـد
خصص ابـن سعـد الجـزأيـن : الأول و الثـاني منه لسيـرة رسـول الله
صلـى الله عليـه و سلـم و مغازيه و الأجزاء الستة الباقية خصصها
لأخبار الصحابة و التابعيـن حسب مـواطنهـم و أمـصـارهـم ، فـمـن
فـي مـكـة الـمـكـرمـة ، و مـن فـي المـدينـة المنـورة ، و مـن فـي
البصـرة ، و مـن فـي الكـوفـة ، ثـم رتب علمـاء كـل مصـر ، حسب
شهـرتهـم و زمـانهـم .

     و كان ابـن سعـد مـوضـع ثقـة المحـدثيـن ، و مـدحـه كثيـرون
منهـم ، فقـد قـال فيـه الخطيب الـبـغـدادي : (محمد بـن سعـد
عندنـا مـن أهـل العـدالـة و حـديثـه يـدل علـى صـدقـه ، فـإنـه
يتحـرى فـي كثيـر مـن روايـاتـه) .

     و إذا كـان ابـن سعـد قـد تتلمـذ علـى أشـهـر علمـاء السيـر و
المغـازي فـي وقتـه ، و ارتبط اسمـه و اشتهـر بأنه كـاتبـه ، و هـو
الـواقـدي ، فـقـد كـان هـو بـدوره أستـاذاً لكثيـر مـن العلمـاء ،
مـن أشهـرهـم المـؤرخ الكبيـر ، البـلاذري صـاحـب كتـاب فتـوح
البلـدان ، و هـو مـن أشهـر و أهـم الكتب فـي مـوضـوعـه . و قـد
تـوفـي ابـن سعـد فـي بغـداد سنـة 230 هـ .

 

                                                       

عن المدير