5 – خـلاصـة :
نلاحظ على رجال هذه الطبقة أنهم جميعاً من كبار التابعين، رووا عن الصحابة وعن كبار التابعين. وأن موطن كل هؤلاء الرجال، هو المدينة التي كانت مهبط الوحي، ومنطلق الغزو وميدان السيرة، ومعرفتهم بأهل المدينة وأسرها كبيرة. ووجدنا أن ملامح كتابتهم لسيرة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم كان يشوبها التشويش والغموض في عدم وضوح المنهج و الأسلوب في الكتابة، واندماج الخبر المدون بالخبر المروي شفاها، وعدم وجود قرينة دالة على الفصل بينهما.
مثّل هذا العرض السابق لجهود التابعين الذين ذكرت المصادر قيامهم بتدوين حوادث السيرة، مرحلة انتقالية بين الكتابة المشوشة المضطربة والكتابة المنسقة الخاضعة لمنهج دقيق، ولم تقتصر على جهود هؤلاء فقط بل وجدت هنالك مدونات أخرى لم تكن بحجم سابقتها ذكرتها بعض المصادر وهي:
* مدونة نافع مولى عبد الله بن عمر (ت 119 هـ)، إذ دون فيها غزوة الرسول صلى الله عليه وسلّم لبني المصطلق، إجابة منه لتساؤل أحد المسلمين عن هذه الغزوة (الأموال لأبي عبيد القاسم بن سلَّام).
* مدونة عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب (ت 142 هـ)، التي دون فيها ما رواه الصحابي جابر بن عبد الله الأنصاري (ت 76 هـ) عن سيرة الرسول صلى الله عليه وسلّم (تقييد العلم للخطيب البغدادي)، وقد وصلت نقول من هذه المدونة في بعض المصنفات التي تطرقت لأحداث السيرة (السيرة النبوية لإبن هشام، والطبقات الكبرى لإبن سعد).
وهذه الطبقة لم يصل لنا من كتبهم شيء، بل وصل لنا الكثير من مروياتهم في السيرة.